
ناقش خبراء وأكاديميون من الجزائر وتونس وليبيا فرص التعاون الثلاثي الاقتصادي والأمني بين الدول الثلاث لتحقيق التنمية والاستقرار، وإمكانيات نجاح المبادرة الثلاثية التي انطلقت في الجزائر في مارس 2024، وتعززت بقمة قرطاج في أفريل 2024، على ضوء التحديات الإقليمية القائمة، بما فيها مشكلات الأمن وتدفقات الهجرة من دول الساحل والصحراء والأزمة الليبية.
ونظم المركز الليبي للأبحاث والدراسات في طرابلس مائدة مستديرة حول الفرص الممكنة للدول الثلاث في إنجاز تجربة تعاون إقليمية، وقدم مدير مركز ابن رشد في تونس، كمال بن يونس، ورقة حول الإطار الأمني المتكامل والشراكة الأمنية الشاملة بين الشمال والجنوب، استعرض من خلالها التحديات الأمنية التي تفرض وضع إطار مشترك للتعاون الأمني بين الجزائر وتونس وليبيا.
وقدم كبير الباحثين بالمركز الليبي للأبحاث والدراسات، الدكتور المهدي الشيباني دغماني، ورقة حول دور جودة المعلومات في بناء التحالفات الإقليمية: منظور اجتماعي لتعزيز مبادرة التعاون الثلاثي بين ليبيا وتونس والجزائر، دعا من خلالها إلى إنشاء مركز إقليمي لتبادل المعلومات وتحليلها، وأشار إلى أن هذا المركز يمكن أن يلعب دورا مهما في المساعدة على دعم صناعة القرار والخيارات وفقا لمعطيات جيدة ودقيقة.
كما قدمت خلال هذه المائدة المستديرة التي أسهمت فيها منظمة كونراد أديناور الألمانية، ومركز ابن رشد للدراسات في تونس، ورقة أخرى استعرضت مسار المبادرة الجزائرية التونسية الليبية وسياقاتها الإقليمية والدولية، بعد تعثر مسار اتحاد المغرب العربي والإكراهات المشتركة، ومحاولة استغلال الجغرافيا لوضع إطار يسهم في تجميع عوامل القوة والمرتكزات، حيث تم التأكيد على ضرورة إقحام القطاع الاقتصادي الخاص في هذا الإطار لتعزيز الفاعلية الاقتصادية وزيادة نجاعة التعاون الثلاثي، وكيفيات تطوير البنية التحتية لربط مختلف شبكات النقل البري والبحري والسكك الحديدية بين الدول الثلاث، لزيادة حركة التنقل والتجارة وتبادل السلع، واستغلال ذلك للتوجه المشترك نحو الأسواق الإفريقية.
وسلط الدكتور عمار سيغة من الجزائر الضوء على مسألة التنمية المحلية والاقتصاد المستدام في المناطق الحدودية للدول الثلاث، وكيفية تحويل هذه المناطق إلى مناطق اقتصاد فعال يحد من التهريب ومظاهر الإخفاق الاجتماعي والاقتصادي ويعزز البنية التحتية لهذه المناطق، خاصة في حال بناء مناطق تبادل تجاري حر وتطوير حركة التجارة البينية، فيما طرح الدكتور عادل سعيد شليق من ليبيا، تصورات حول تطور الفرص الوظيفية في ليبيا بعد الثورة من العمل التقليدي إلى العمل القائم على العلوم وتكنولوجيا المهن، وحاجة ليبيا إلى كوادر عاملة من دول الجوار التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من هذه الفرص المرتبطة بخطط إعادة إعمار ليبيا.
وشكل محور الهجرة وتحدياتها السياسية والأمنية بالنسبة للدول الثلاث، محورا مهما في هذه الندوة حيث استعرض المؤرخ محمد الأزهر الغربي من جامعة منوبة بتونس، في ورقة بحثية مسارات الهجرة في منطقة المغرب العربي، واقترح تغيير مصطلح الهجرة إلى مصطلح حركة السكان، وفسر جملة العوامل التي تحرك ظاهرة الهجرة.
وخلصت الندوة إلى حزمة توصيات تشدد على “الحاجة إلى جرأة وتصور اقتصادي مشترك مرافق للإرادة والرغبة السياسية، والدعوة إلى مزيد من إقحام القطاع الخاص عبر تسهيل طرق ومسالك التجارة ورفع العوائق الجمركية والبيروقراطية”، وشددت على ضرورة تطوير حركة النقل البيني الطرق والسكك الحديدية وتنقل الأشخاص لخلق واقع جديد مشجع على إقامة المشاريع وتطويرها، وتحييد المقاربة الأمنية التقليدية ووضع نسق وتصور يجعل من الاقتصاد والتنمية جزء أساسي في المنظور الأمني، والسعي إلى إعادة تأهيل العامل الثقافي المشترك والكيانات الاجتماعية النحلية التي يمكن أن تشكل رأس مال مهم لتعزيز التعاون بين الدول الثلاث.