
نظمت مؤسسة التميمي للدراسات والبحث العلمي التي يرأسها الدكتور والمؤرخ التونسي الكبير عبد الجليل التميمي، مائدة مستديرة تكريما لسيرة ومسار وزير الخارجية الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، شارك فيها أساتذة وخبراء وإعلاميون، تعرضت بالفحص إلى إسهاماته التاريخية والطلابية قبل الاستقلال، والسياسية بعد الاستقلال عبر المناصب الحكومية التي تولاها كوزارة التربية والثقافة والخارجية.
وقال مدير مؤسسة التميمي للدراسات والتوثيق والبحث العلمي عبد الجليل التميمي أن “الجزائر بلد عظيم اشتغلت عليه لسنوات عديدة، والثورة الجزائرية ثورة مقدسة وهي ليست ملك للجزائريين فقط، بل هي ملك لنا جميعا ولكل الشعوب المغاربية والعربية، مشيرا إلى أن الإبراهيمي رجل من بناة الدولة الوطنية في الجزائر، وله إسهامات كبيرة ومواقف لدعم القضايا المغاربية والعربية، وهذا ما جلب له الاحترام القومي، وقال سفير الجزائر في تونس عزوز باعلال، إن “الإبراهيمي شخصية سياسية محترمة ومكرمة في بلدها الجزائر، وتكريمها في بلد شقيق كتونس دليل على الترابط الكبير في العلاقات والمسارات السياسية والروابط التاريخية”.
ووجه وزير الخارجية الأسبق الإبراهيمي الذي لم تسعفه ظروفه الصحية بالتنقل إلى تونس، رسالة إلى المشاركين في الندوة ، أكد فيها أنه “يعتز بما بادر به الإخوان في تونس العاصمة وتحديدا في حي الخضراء الجميل حيث يلتقي في زاوية شارع عبد الحميد بن باديس و شارع البشير الإبراهيمي”، مشددا على تقديره لهذه الالتفاتة التونسية الكريمة ” الوفاء من الجزائر إلى تونس الشقيقة وطني الثاني وليس من باب النسب والجوار فحسب بل بالتعامل لمدة عقود من الزمان مع النخب التونسية في المنظمات الطلابية و في الحركات التحررية وفي تقلد المسؤولية بعد الاستقلال”، واعتبر ان هذه الخطوة، “تكريم للنهج الذي سرت عليه منذ أن بلغت مرحلة الوعي والإدراك، و هو النهج الذي كان والدي الشيخ البشير الإبراهيمي قد شقه في الحركة الإصلاحية و في جمعية العلماء الجزائريين على رأسها الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس”.
وأعرب الإبراهيمي عن أمنيته في أن “تنشأ في الجزائر جائزة تشرف عليها مؤسسة علمية لمكافأة باحثي المغرب العربي المهتمين بإحياء التراث الفكري المغاربي، وقد تحمل هذه الجائزة اسم العلامة ابن خلدون وأقترح أن يكون أول الفائزين الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي الذي له فضل في الذاكرة الجزائرية وعمل على إحياء تاريخ المغرب العربي، والفقيد الحاج الحبيب اللمسي. الذي اجتهد في إحياء التراث المغاربي، وأسس لهذا الغرض في بيروت دار الغرب الإسلامي. ووجه الإبراهيمي في ختام رسالته إلى الشباب، بشأن أهمية العمل على” وحدة المغرب الكبير إلى الوحدة الجغرافية والثقافية والدينية والاجتماعية واللغوية لمنطقتنا واقع ثابت لا يتغير، حيث يبقى تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية، ضرورة قصوى لشعوب المنطقة التي تطمح إلى السلم والأمن، ومنطقة رفاهية متقاسمة، مع دعم موقعه الاستراتيجي كخط وصل بين المتوسط والشرق الأوسط وإفريقيا الساحلية.”
وقدم الكاتب والصحافي التونسي رشيد خشانة، قراءة في المذكرات التي أصدرها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، واعتبر أنها مذكرات توثق لمراحل مهمة في تاريخ الجزائر الثوري والسياسي، وتغطي أيضا في بعض جوانبها ومحطاتها الدول المغاربية والعربية، لافتا إلى أن الإبراهيمي يقدم من خلال المذكرات نقدا ذاتيا هادئا لتجربة الدولة الوطنية من حيث نجاحاتها وإخفاقاتها، واستعرض الباحث التونسي البشير الجويني أن الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، يقدم من خلال كتاباته ومذكراته التي نشرها، صورة توثيقة.
وشارك في هذا اللقاء دبلوماسيون من البلدين ومثقفون وباحثون في التاريخ السياسي وإعلاميون ، وقدم خلال هذا اللقاء الكاتب والصحافي الجزائري نصر الدين بن حديد قراءة استحضرت مواقف وتصورات الإبراهيمي في فترة ما قبل وخلال الحراك الشعبي في الجزائر، من خلال دعوته المستمرة إلى الحوار والحل السياسي وعدم المساس بالمؤسسات والجيش، واعتباره شخصية توافقية جمعت بين التيارات الثلاثة في الجزائر، الإسلامي والوطني والديمقراطي ،ـ كما تحدثت خلال الندوة الصحافية والإعلامية التونسية آسيا العتروس والتي تطرقت إلى استحضار الدكتور الإبراهيمي للتقارب والانفتاح السياسي مع دفاعه عن الدولة الوطنية ودعوته إلى القيام بنقد هادئ وموضوعي، كما تحدثت الإعلامية إنصاف اليحياوي عن إسهامات الدكتور الإبراهيمي، وأهمية قراءة كتاباته ومذكراته من الناحية السياسية والتاريخية لأهميتها واستشعار البعد المغاربي خاصة .