ناقشها خبراء من تونس وأوروبا في مؤسسة التميمي : دعوات لتنويع الشركاء الاقتصاديين و«الحياد الإيجابي» بين الأطلسي وروسيا والصين

بقلم روعة قاسم
انتظمت في مقر مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ندوة دولية حول «حرب أوكرانيا وانعكاساتها على أوربا وتونس والمنطقة المغاربية»

بمشاركة خبراء في الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية ونخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين ورجال الأعمال ونشطاء المجتمع المدني .
وقد قدمت المداخلات قراءات للانعكاسات السلبية لحرب اوكرانيا على تونس ودول المنطقة اقتصاديا واجتماعيا على المديين القصير والبعيد من ذلك ان تونس خسرت هذا العام حوالي مليون سائح من روسيا واوكرانيا ودول الجوار ومليارات من الميلمات بسبب ارتفاع اسعار الحبوب والمحروقات والمواد المستوردة ..
وقد وقع التمهيد للندوة الحوارية حول هذه الاشكالية بثلاث ورقات علمية بمشاركة مدير التحرير في مؤسسة دوتشي فيلا الألمانية ورئيس المؤسسة الالمانية المغاربية للثقافة والإعلام المنصف السليمي ، ورئيس مؤسسة ابن رشد للدراسات الإستراتيجية والمستشار لدى عديد مراكز الدراسات الدولية كمال بن يونس إضافة إلى الصحفية آسيا العتروس .
كلفة باهظة
تناولت الورقات والمداخلات في حصة النقاش العام قضايا عديدة من بينها انعكاسات هذه الحرب عسكريا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا على دول الحلف الأطلسي والاتحاد الاوربي من جهة وعلى روسيا والصين ومجموعة شنغهاي والدول النامية ، ومن بينها تونس والدول العربية، من جهة ثانية .
وأجمعت المداخلات على ان كلفة هذه الحرب باهظة جدا لأغلب دول العالم وجيوشها ، وبصفة خاصة على روسيا و اوكرانيا ودول الاتحاد الاوربي .
وحذر المتدخلون من ان هذه الكلفة مرشحة «للإرتفاع» مع احتمال «الخروج عن السيطرة وعن التقديرات» في صورة تمديد الحرب وتوسيع رقعتها جغرافيا أو التورط في استخدام «أسلحة غير تقليدية» أو شن «حرب نووية استرتيجية» قد تؤدي إلى تدمير مدينة كاملة، مثلما وقع في هيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية، أو «حرب نووية تكتيكية» تؤدي إلى توجيه ضربات محدودة بالسلاح النووي لأهداف معينة قد يرد عليها الطرف الآخر بضربات مماثلة أو أكثر عنفا .
ملفات الهجرة والأمن
واعتبر الإعلامي التونسي الألماني المنصف السليمي أن من بين أهداف روسيا من هذه الحرب «التوصل إلى تسويات استراتيجية جديدة مع دول الحلف الأطلسي تضمن العودة إلى توازنات سابقة تكون فيها روسيا مؤمنة من «خطر قوات الناتو التي زحفت شرقا عبر مراحل منذ انهيار جدار برلين قبل حوالي ثلاثين عاما».
وتعتبر موسكو أن التوازنات القادمة يمكن أن تكون امتدادا «للتسويات» التي وقعت منذ 2008 و 2014 بعد ضمها لجزيرة القرم التي كانت تابعة لاوكرانيا ثم لجمهوريتين تابعتين لجمهورية جيورجيا، اوستيا الجنوبية وابخازيا ..
وحذرت مداخلتا الاستاذين كمال بن يونس وآسيا العتروس من أن تتسبب حرب أوكرانيا في « تعميق اضطرابات السياسات الخارجية والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية في أوربا الشريك الرئيسي لتونس ولأغلب الدول العربية». ولاحظا أن مثل هذه الأزمات يمكن أن «تزيد من توتر علاقات العواصم الغربية ببعض العواصم المغاربية والعربية والافريقية وبينها تونس، لا سيما بسبب ملف الهجرة القانونية وغير القانونية الذي كان من بين أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي وتزايد تأثير» أقصى اليمين» و«المجموعات المعادية للأجانب عموما وللعرب والمسلمين خاصة» في بلدان أوربية عرفت بإعتدال سياساتها سابقا مثل ايطاليا وهولندا والمجر والنمسا والبلدان الاسكندنافية ..
امتحان كبير
وسجلت ورقة رئيس المؤسسة الالمانية المغاربية للثقافة والإعلام أن من بين الانعكاسات المتوقعة لحرب اوكرانيا مزيد تكريس «تضخم» دور قوات الحلف الاطلسي عموما والولايات المتحدة خاصة في دول الاتحاد الاوربي التي كان بعض قادتها يدعون الى اعتماد «سياسة دفاعية وامنية مشتركة مستقلة»..
ولفت المنصف السليمي الى أن «أوربا أصبحت أمام امتحان كبير» بعد أن فرضت عليها تفاهمات ما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا «تنازلات جديدة للحلف الاطلسي ولواشنطن» من بينها توسيع الحلف ليشمل «دولا محايدة مثل السويد وفلندا وربما سويسرا»، إلى جانب إعلان ألمانيا عن رصد مائة مليار يورو سنويا للتسلح ..
وتوقع السيلمي أن تكون النفقات العسكرية الجديدة لبرلين والعواصم الاوربية على حساب «مشاريعها التنموية وسياسات دعم برامج تنمية دول جنوب البحر الابيض المتوسط والدول العربية والافريقية « بما في ذلك في سياق برامج «الوقاية من الهجرة غير القانونية عبر برامج التنمية وتدريب الشباب ودعم الديمقراطية في بلدان افريقيا واسيا..»
ولاحظ السليمي أن هذه المتغيرات تسجل بعد أن رصدت دول الاتحاد الأوربي حوالي 750 مليار يورو لمواجهة مضاعفات وباء كورونا على إقتصادياتها ومجتمعاتها ..
تنويع الشركاء ..وعقلنة السياسة الخارجية
ماهي الانعكاسات بالنسبة لتونس والدول المغاربية والعربية ؟
ردا على هذا السؤال قدمت مداخلات الاستاذين كمال بن يونس وآسيا العتروس وثلة من الخبراء المشاركين في النقاش أن السيناريوهات التي تنتظر تونس والدول النامية بعد حرب اوكرانيا «معقدة ومتشعبة سواء أربحت روسيا وحلفاؤها الحرب أم خسرتها وأسفرت عن توسيع نفوذ الولايات المتحدة ودول الحلف الاطلسي داخل اروبا الغربية واوروبا الشرقية وفي العالم».
وتوقفت المداخلات عند 5 أبعاد وانعكاسات هذه الحرب على لتونس وعلى دول جنوب المتوسط : بعد اقتصادي اجتماعي وبعد عسكري وبعد سياسي داخلي وبعد سياسي خارجية وبعد جيو استراتيجي ..
ولاحظت أن «صناع القرار» في تونس والدول المغاربية والعربية مطالبون بأن يستبقوا «الأزمات الخطيرة» التي قد تتسبب فيها الازمات الغذائية والامنية الاجتماعية السياسية بمراجعة أولويات الدولة الاقتصادية والتنموية وتنويع شركائها في كل المجالات وتعديل سياساتها الخارجية في اتجاه «الحياد الايجابي» وعدم الرهان على قطب دولي واحد.
وأوصت المداخلات بأن تحافظ تونس والدول المغاربية على علاقاتها الاستراتيجية مع دول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية مع «ترفيع» مستوى شراكتها وتنسيقها مع بقية التكتلات العالمية مثل «مجموعة شنغهاي» التي تضم الصين وروسيا وايران والهند باكستان ودولا اسيوية أخرى ..أي حوالي نصف البشرية ..
في نفس الوقت حذرت الندوة صناع القرار في العالم من أن تؤدي الحرب الحالية في أوكرانيا وشرقي أوربا إلى تراجع أولويات التنمية وبرامج دعم الإصلاح السياسي والتعددية الإعلامية والانتخابات الديمقراطية وغيرها من السياسات التي « تفتح الآفاق للشباب والفئات المحرومة « وتضمن الوقاية من التطرف والغلو والعنف والجريمة المنظمة والارهاب والهجرة غير القانونية»..

إرسال التعليق

You May Have Missed