العربية Français Anglais

مسودة قانون لإلغاء النسخة الفرنسية من الجريدة الرسمية في الجزائر

قدم نواب بالبرلمان ينتمون إلى عدة أحزاب في الجزائر مسودة قانون جديدة، تقضي بإلغاء النسخة الفرنسية للجريدة الرسمية للدولة في الجزائر وإبقاء نشر القوانين في الجريدة التي تعد مظهرا من مظاهر السيادة السياسية باللغة العربية حصرا، في خطوة تستهدف مزيدا من تحييد الفرنسية، بعد تراجعها في النظام التعليمي، وذلك ضمن سياق تداعيات الأزمة السياسية القائمة بين البلدين منذ فترة. ويمنع نص المسودة التي وقعها 39 نائبا، وتتضمن 23 مادة قانونية، “صدور الجريدة الرّسميّة للجمهوريّة الجزائرية الدّيمقراطيّة الشّعبيّة باللّغة الفرنسيّة، تحت طائلة المساءلة الجزائية”، وتقترح المادة الثانية أن تصدر القوانين والنظم والتشريعات والاتفاقيات الموقعة مع الدول في الجريدة الرسميّة بـ”اللّغة العربية وحدها حصرًا، بما يجسد العمل مظهرًا من مظاهر السيادة”، على أن تنشر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر باللغة العربية، وملحقاً بلغة البلد الذي أبرمت فيه، أو باللغة الإنكليزية.

ويعتبر المشروع أنه حان الوقت لإنهاء و”تطهير منظومتنا القانونية من التلوث القانوني الناتج عن إرث السياسات الاحتلالية الفرنسية المجرَّمة”، ولتطبيق الدستور الجزائري، المادة الثالثة التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية الجامعة. وبحسب المسودة، فإن “إصدار نسخة للجريدة الرسمية باللغة الفرنسية يكلف الخزينة العمومية سنويًا أغلفة مالية إضافية باهظة، تعد هدرًا للمال العام، لفائدة الترويج للغة أجنبية داخل الوطن، وتكريس مظهر من مظاهر الاحتلال الفرنسي في الجزائر المستقلة”.

ويستهدف القانون الجديد تصحيح وضع وإلغاء مرسوم كان صدر عشية استقلال البلاد في ظروف مغايرة في 28 مايو/أيار 1964، كان ينص على أن “الجريدة الرسمية تحرر باللغة العربية، وتحتوي أيضًا بصفة مؤقتة على نشرة باللغة الفرنسية”، إلا أن هذه الحالة المؤقتة استمرت بعد أكثر من 60 سنة من الاستقلال، برغم طابعها الظرفي والمؤقت، إضافة إلى أن إعادة نشر القوانين والنصوص التشريعية باللغة الفرنسية (إضافة إلى العربية) سبق أن أثارت إشكالات قانونية عند تطبيقها بسبب وجود لبس في الترجمة أو حالات تناقض أو اختلاف في تفسير أحكام النّص القانوني بين اللغتين، ما دفع العديد من المتقاضين إلى رفع هذه المسألة الخلافية أمام المحكمة العليا.

وعبّر صاحب المبادرة التشريعية النائب عن كتلة حركة مجتمع السلم زكرياء بلخير عن استهجانه “الإبقاء على إصدار الجريدة الرسمية للدولة الجزائرية باللغة الفرنسية لأزيد من نصف قرن”، مضيفا في تصريح صحافي: “كانت لدينا الرغبة منذ بداية العهدة النيابية عام 2021 لطرح هذه المسودة، لكن كانت لدينا أولويات أخرى، وما شجعنا حقيقة على إعادة طرح هذا القانون الآن هو هذه المناكفة والتشنج السياسي القائم بين الجزائر وفرنسا، ونعتقد أن هناك إرادة سياسية ونية جادة في الجزائر لاسترداد كامل السيادة الوطنية، ورأينا أن هذه فرصة سانحة تمكننا لتمرير هذا القانون وإصلاح الخطأ نرى أنه كان ينقص من السيادة الوطنية”.

وتأتي هذه الخطوة ضمن سياق أزمة سياسية ودبلوماسية حادة بين الجزائر وباريس، ومناكفة مستمرة منذ مدة بين البلدين، شملت بعض الرمزيات السياسية والثقافية، إذ سبق مقترح هذا القانون ضمن نفس السياق تخلي غالبية الوزارات، بما فيها وزارات سيادية وحيوية كوزارة الدفاع، والإدارات والمؤسسات الرسمية والشركات عن التعامل باللغة الفرنسية في المراسلات واللافتات، وجرى تكريس اللغة العربية بالدرجة الأولى، إضافة إلى اللغة الإنكليزية، كما عمدت الجزائر في نفس الإطار إلى إزاحة اللغة الفرنسية في نظام التعليم لصالح اللغة الإنكليزية، بما فيها في التعليم العالي، وهو ما أثار سخط الجانب الفرنسي الذي كان يستفيد من هيمنة اللغة الفرنسية على المعاملات الإدارية في الجزائر.

 

عثمان لحياني. صحافي جزائري.-  العربي الجديد 

 

  • Related Posts

    شهادة حول عصر مضطرب من تاريخ تونس المعاصر.. كتاب جديد

    صدر مؤخرا عن الدار المتوسطية للنشر بتونس كتاب من الحجم الكبير، من 550 صفحة، يحمل عنوان: “أقواس من حياتي”  للكاتب والاعلامي والناشط السياسي والحقوقي التونسي المستقل صلاح الدين الجورشي. وقد  برز الجورشي منذ عقود…

    رفض مصري أردني فلسطيني لمقترح ترامب بتهجير سكان غزة

    أعلنت مصر والأردن وفصائل فلسطينية رفضها القاطع لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي قال فيها إنه يود أن يرى الأردن ومصر ودولا عربية أخرى تزيد من عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *