خميس الجهيناوي: نعيش مناخاً سياسياً توافقياً… و السبسي أعاد للسياسة الخارجية ثوابتها و مصداقيتها

تونس-مغرب نيوز
قال وزير الخارجية خميس الجهيناوي، في حديث ل”الشرق الأوسط” إن السياسة الخارجية التونسية،  ” استعادت ثوابتها و مصداقيتها و انتهجت أسلوب عمل أكثر مُبادرة و وثوقاً ” منذ انتخاب الباجي قائد السبسي رئيساً للجمهورية، و أضاف أنه رغم الأحداث الأليمة التي شهدتها البلاد سنة 2015،فإنّ الدبلوماسية التونسية توفقت إلى حد كبير في إزالة ما لحق بصورة تونس من انطباعات سلبية.          و أحسن دليل على ذلك الارتفاع المتزايد لعدد السياح الوافدين على تونس في السنتين الأخيرتين وتنامي نيات الاستثمار المعلنة في البلاد.

و اعتبر الحهيناوي أن “تحقيق هذه النتائج الإيجابية يعود بالأساس إلى المكاسب التي تحققت في مجال التحول الديمقراطي و بناء دولة القانون و النجاحات المهمة التي أنجزت في المجال الأمني متابعا أنّ الاهتمامن يتركّز اليوم أكثر من أي وقت مضى على الجانب الاقتصادي بإيلاء الدبلوماسية الاقتصادية مرتبة الأولوية في تحرك الوزارة و البعثاتن إلى الخارج لمعاضدة المسار التنموي في البلاد و دفع الاستثمار و تطوير التجارة الخارجية “.

إستعدنا ثقة الفاعلين السياحيين في العالم خاصة على المستوى الأمني

و تحدث الجهيناوي قطاع السياحة، و اعتبره “حساساً جداً ” نظرا لارتباطه بشكل كبير بالأوضاع الأمنية و السياسية و الاجتماعية. و تونس كغيرها من دول العالم تعرضت إلى اعتداءات إرهابية استهدفت خصوصاً موقعين سياحيين في كل من باردو و سوسة و كان لها تأثير مباشر على القطاع السياحي. غير أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التونسية و النجاحات المهمة لقواتنا الوطنية في المجال الأمني و ” المساعي التي تقوم بها الدبلوماسية التونسية و وزارة السياحة ” مكنت من تجاوز آثار هذه الاعتداءات و إعادة الثقة إلى الفاعلين السياحيين في العالم بإقناعهم بقدرة تونس على توفير الأمن والأمان لضيوفها و الظروف الملائمة لعودة النشاط السياحي، و هو ما تجسم بالفعل من خلال الموسم الناجح لهذه السنة وكذلك من خلال فتح شبكات فندقية عالمية جديدة ذات جودة عالية ببلادنا خلال سنة 2017. ونأمل أن يكون للإجراء البريطاني (الخاص برفع حظر السفر) انعكاسات إيجابية على زيادة تدفق عدد السياح البريطانيين. و هناك مؤشرات مشجعة على استئناف أهم وكالات السفر السياحية البريطانية نحو الوجهة التونسية لعودة أنشطتها إلى ما كانت عليه قبل سنة 2015 “.

و عن خطر الإرهاب في تونس، قال الجهيناوي: ” ليس هناك أي دولة في العالم بمأمن من خطر الإرهاب. و هذه الظاهرة باعتراف كل التقارير الأممية تظل خطراً قائماً في كل دول العالم ومن السابق لأوانه الحديث عن زواله على الرغم من الانتصارات الكبرى التي تحققها الدول و التحالفات الدولية على التنظيمات الإرهابية. و جاهزية القوات الأمنية و العسكرية التونسية و حسن أدائها مكناهما من شن ضربات استباقية ناجحة ضد الإرهابيين ومن إحباط مخططاتهم و كشف الخلايا النائمة لتكسب تونس بذلك أسبقية كبيرة على الإرهاب و تحقق نجاحات أمنية كبيرة في السنوات الأخيرة بعد أن طورت قدراتها الوطنية بصفة ملحوظة. ثم إن غياب الحاضنة الشعبية للإرهاب في بلادنا و وعي التونسيين بخطورة هذه الظاهرة على أمن البلاد و استقرارها مكنا من محاصرتها و تطويقها. و تونس تبقى يقظة لدرء أي مخاطر في هذا المجال، و هي على نفس درجة الأمان مع كبرى العواصم الأوروبية.

و تابع: ” أعتقد أن أهم رسالة يمكن توجيهها إلى المستثمرين الأجانب في هذا الخصوص، تتمثل في على الوضع الأمني في تونس من خلال التأكيد على جدية الاستعدادات الوطنية في مختلف المجالات لتطويق آفة التطرف و التصدي للإرهاب” .

نتصدى لظاهرة عودة المقاتلين بقانون يُجرّم استقطابهم

و في خصوص ظاهرة المقاتلين التونسيين الذين سافروا إلى سوريا و العراق، قال: ” تمثل ظاهرة عودة الإرهابيين من بؤر التوتر تهديداً مباشرا للأمن القومي لكل الدول. و يختلف التعاطي مع هؤلاء من بلد إلى آخر، حسب الحالة، و ذلك بهدف منع هؤلاء من القيام بأعمال إرهابية أو المساعدة على ذلك أو المساهمة في الاستقطاب أو الانخراط في أعمال إجرامية. وبالنسبة لتونس فإن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف و الإرهاب ترصد ضمن أهدافها التصدي لظاهرة المقاتلين الأجانب من خلال تعزيز الإطار القانوني لتجريم استقطابهم وتسهيل تنقلهم إلى بؤر التوتر، و تضع الآليات الكفيلة للتعاطي معهم بكل صرامة لوقاية المجتمع من خطرهم وذلك حسب ما يقتضيه القانون “.

الأوضاع في ليبيا أثرت على تونس و سنواصل محاولاتنا لإيجاد حل للأزمة

و عن الوضع في ليبيا، قال الوزير إن ” الأزمة في ليبيا أثرت بصفة مباشرة على الأوضاع في تونس. وتحملت بلادنا العبء الأكبر من الأزمة في هذا البلد الشقيق منذ 2011 و استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين من ليبيا. و رغم الثمن الباهظ الذي دفعته تونس بسبب تمدد الإرهاب و ضعف الدولة المركزية في ليبيا – من ذلك أن مبادلاتنا التجارية مع ليبيا التي كانت قبل 2011 تفوق 2.5 مليار دولار تراجعت بشكل كبير جداً إن لم نقل إنها تلاشت – فإننا نؤكد دوماً على التشابك العميق والتاريخي بين شعبي البلدين و على استراتيجية و حيوية العلاقات بين الدولتين”. و تابع: “استقبلت تونس كل الليبيين الذين لجأوا إليها دون تمييز و استقر عدد كبير منهم في بلادنا، و هو واجب اضطلعنا به باعتزاز و تواضع، وتحادث رئيس الجمهورية تقريبا مع مختلف الفاعلين على الساحة الليبية، بالإضافة إلى احتضان تونس لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا منذ 2014 و مواصلتها تقديم الدعم لها لأداء واجبها في أحسن الظروف، الأمر ذاته بالنسبة إلى أغلب البعثات الدبلوماسية المعتمدة في ليبيا مع الإقامة في تونس. كما أن تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني تم في تونس وانطلق من تونس إلى طرابلس بتنسيق من السلطات التونسية وبتأمين من القوات التونسية، و هذا واجبنا تجاه أشقائنا في ليبيا لأن استقرار ليبيا و أمنها من استقرار تونس و أمنها “.

و أضاف: ” تونس، التي يدرك الأشقاء الليبيون مدى حرصها و نزاهة محاولاتها في إيجاد حل للأزمة، تدفع باستمرار في اتجاه اعتماد مقاربة موضوعية تقوم على مبدأ أساسي و هو أن الحل يجب أن يكون ليبياً و أن ينبثق من حوار شامل تحت إشراف الأمم المتحدة على أرضية الاتفاق السياسي الذي يمكن تعديله بما يتوافق عليه الليبيون أنفسهم، و هي المبادئ العامة التي قامت عليها المبادرة الثلاثية بين تونس و الجزائر و مصر. و الرسالة التي توجهها تونس اليوم إلى المجتمع الدولي و القوى الفاعلة هي ضرورة تكاتف الجهود لإيجاد حل للأزمة في هذا البلد الشقيق تحت إشراف الأمم المتحدة و دعم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الجديد السيد غسان سلامة في تجسيد نقلة نوعية في مسار التسوية السياسية الشاملة “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *